Monday, March 10, 2014

عدالة الوطن الأغبر


أعتبر مباحثة الحقيقة نزالا تغذيه العصبية والتطرف لأني خلصت بعد زمن من  الجهد إلى إدراك أنهما رافدا الدكتاتورية   الذين عملت بهما لتطويع حياة الناس ولن يمكن الكشف عن الإنتهاكات إلا بالتلبس بهتين المصيبتين إذ الفهم ليس بالممكن بدونهما .



ليس التفكير  بالأمر الهين ولا ترتيب الكلمات اهون  مع هذا الوقت العصيب .. أحتار في ترتيب الجمل ولكم أن تعلموا مقدار جزع من كان في  الأربعين حين لا يجد الكلام أنا تونسي برتبة ملاحظ حزين صرت  للتعبير عن رأيي حيث أعيتني الحيلة في هزيمة الوقاحة وما أعتبره التظليل حينما يجرأ الجاني على مباحثة تفاصيل التعاطف مع الجاني وخطأ المجني عليه " إلي جابها لروحو " أدخل في مفاوضات عسيرة أشبه بتلك التي سميت صدقا بالحمار الوطني و يذكرني الأمر أحيانا عندما أرى التبرم على وجه مفاوضي بإخوة يوسف حين رجعوا لأبيهم و أخذوه معهم لمصر وقولهم له حين ذكر لهم أنه يجد ريح يوسف " ولما فصلت العير قال أبوهم:إني لأجد ريح يوسف , لولا أن تفندون . قالوا: تالله إنك لفي ضلالك القديم ." هكذا وقد إستكثروا على أبيهم القول فوصموا صدقه بالظلال وتناسوا أنهم مجرمين .. أنا لا تعاطف مع الجاني مطلقا بهدف تبرئته أيا كانت مواصفات المجني عليه ولعلّي "ما عنديش مزيه " كما يجب أن يكون عليه حال من يخدم الناس .. ولكن تعلمون تلك العقلية السائدة في نخب هذا الوطن باعتبار الواجب تشريفا لا تكليفا ..
حدّث أحدهم عن غيرة زوجته فقال .. وجدت صورة لي مع إحدى السائحات فناحت ولامت و تبرمت ثم قال أنه سألها التمعن في الصورة حيث كان يعانق السائحة باليمين ليهدىء روعها داخل حديقة الحيوان و يعانق باليسرى أسد الحديقة الذي ألف الناس ومنهم بطل هذه الملهاة الذي أصر جادّا غير ممازح أنه ظل يعاتب زوجته بقوله رأيت السائحة ولم تري الأسد .. نصفكم وهو يقرأ ما نقلت سيعتقد أن الرجل له من التعقيدات العصابية ما يفسر المشهد الفولكلوري المتحدث عنه ونصفكم الآخر يجب أن يكون مشدوها من رداءة الكذب حتى وهو يعلم جازما أن الكذب المرضي ليس له معايير للتميز . المصيبة أن الراوي ليس سوى أحد الإطارات السامية لهذه الدولة  وليس بأعقدنا حماقة فهناك من فاجأ الحضور بالتأكيد على أنه يعرف أن " المعزة بنت البقرة " وهو يتقاضى أجرا من الدولة لذلك أقول أن نصف تردي الوضع القضائي في الدولة سببه " البهامة " هذه الجائحة التي عصفت بكل مشارب النخب وإطارات الدولة حيث الذكاء عملة نادرة .. أما نصف ميل العدالة فسببه الأرواح الشريرة التي تكيل الحق بمكيالين .. خلال سنوات عمري القليلة التي قضيتها في العمل في فصل النزاعات المدنية والإستحقاقية والجزائية والشخصية كنت أجدني في خط التماس بدون قدرة على التصويب نحو  مواطني من نفس الفريق إذ أن إختلافنا المبدئي جعل من التفاوض لفصل النزاعات امرا منهكا يصح أن يكون مدخلا لدراسة علمية لأسباب تدهور وضع العدالة ولا أقول هذا تزكية لنفسي فلا أعتقد أن من قبل العمل في قطاع مؤشرات الجور فيه عالية وقوانين لا تقل عنه حيفا بالشخص السوي ولأقل أني لم أضمر يوما العمد في الميل بما كنت أراه حقا حتى مع الإنظباط بحدود القاعدة القانونية السارية المفعول ولم أحمل حقدا على أي فرد من عموم الشعب ولم أزكّي باطلا تعظيما لأحد وإن لم أتوصّل للدفع نحو الحق في أغلب النزاعات التي كان أحد أطرافها متنفّذا أو التي كانت محل متابعة   أو ما يعبر عنه بالدوسي السخون .. عدالة المكيالين تلك التي تتعاطف بدون سند قانوني مع رجوع غير ثابت لمرض السرطان لرضا قريرة لتطلق سراحه هكذا لدواعي إنسانية وتمتنع عن مخالفة القانون بإسعاف شاب غر بتأجيل تنفيذ العقاب البدني بدعوى أن الفصل 53 من المجلة الجزائية لا يجيز ذلك هي عدالة كيف أعبر عن ذلك " وقحة " المشكل أن عقلية الحق الزئبقي تجعل من تطهير القضاء أمرا مستحيلا فالفساد نتيجة نقص الحرفية أو بحكم العادة هو فساد أصيل وليس بالأمر الطاريء الذي يمكن إستئصاله سيما مع وجود ذلك المد التضامني بين أذرع الفساد داخل الدولة .. الحل الممكن هو إضعاف آليات الفساد وتحجيم أثرها لنقل باعتماد قاعدة العزل بمنع الخلايا الناشطة من تقلد الوضائف القضائية المؤثرة .. الأمر تقني يكفي الرجوع إلى الحركات القضائية ما قبل سنة 2011 لتحديد من إظطلعوا بمسؤوليات داخل الهيكل القضائي ومنعهم من التقلد بأي مسؤولية لاحقا .. المشكل أن مد الثورة المضادة يغذي الفساد مع غياب تام للقوى المدنية المؤثرة لذا لا تتعجبوا إذا بلغ الضيم ما نشهده بمصر من ملهاة الفساد القضائي فنحن اليوم نحتكم بضوابط موضوعية لشرعة الغاب '"حب من حب وكرخ من كرخ " على راي السبسي أصلا أي دولة هذه التي يديرها حوار رباعي بين بارونات الفساد المالي والمجتمعي والحقوقي و السياسي أبشركم أننا جميعا صرنا مرشحين لرتبة مواطن مظلوم مع فارق في التوقيت وعلى راي النبي لوط هذا وقت عصيب فانفروا للله ياقوم لن يعدل ميزان الحق غيره .

No comments:

Post a Comment