Friday, November 4, 2011

جمهورية أشبه بالخمّارة


كان يضع السيجارة بين شفتيه نصف مستهلكة ، يدفع أذى دخانها بنصف إغماضة من عينيه ويسعل وهو يعمل المعول في الإسفلت .. رأسه خالية من الافكار وتوقف .. سحب بيد لاهية عقب السجارة الملتهب و فكر .. تأخر مؤجره عن دفع أجرته ليومين لا صبر له على الخمارة وعلى قاروة الكوديا ذات الدنانير الأربعة والمائات الثمانية .. أجمع عزمه على أن يسكر كالبارحة بالكحول خالصا مع ماء الحنفية دارت رأسه  للحظة  السكر وانتظر مرور سيارة فارهة وشتم مؤجره سرا ذلك الحقير كالبالوعة يسرق جهده لساعات طويلة من اليوم ويلهف الملايين من الصفقات العمومية ويتدبر الضغط على سعر التكلفة زفر نفسا عفنا ولم يكن قد وصل لجوفه غير خبز و بيضة مسح جبينه بكفه وترك المعول يسقط  من يده لا بد أن يتدبّر ثمن ذهاب عقله لذلك المساء ..
وقفت تولول وقد تحلّق حولها الفضول كان زوجها السكير  قد باع الة الطهي والخزانة وأخذ طريقه لخمارة الحي ..  كان رأسها فارغا وأطلقت بصوت خائر السباب وتوعدت أمه بالزج بابنها الفاسد في السجن ، ثم إنتبهت للمخاط  الجاري على فم إبنها الرضيع مدت إصبعين أزالته وعلى عجل  مسحت يدها بظهر ثوبها وعادت للولولة ..
سمعت طرقا على الباب وصوتا ينادي زوجها ، قامت وجمعت شعرها المشعث بغطاء الرأس الأخضر  كان بهو المنزل قد غرق بعد أن تجمعت مياه الأمطار فيه . أصاب البلل خفيها فأطلقت اللعنات على القادم وفتحت الباب .. مد يده بالنقود وتعمد ملامسة كف يدها تجاهلت تحرّشه وأغلقت الباب تركت المياه تبلل ما بقي جافا من قدميها رفعت غطاء البالوعة وكانت قد حسبت النقود .. أخرجت  قارورتي كوديا و أجرت الحساب ثم عادت وأخرجت ثالثة وأعادت الغطاء ، وضعتهن داخل كيس أسود وعادت نحو حريفها و أجابته بعد أن صارت البضاعة بين يديه " غدوة يروّح طيحولو لشهرين على خاطر العيد "..  
وقفت في صف طويل وكان الناس قد إحتشدوا أمام المغازة المخصصة لبيع الخمور .. كان الأمر لافتا أن يصير قربان إبراهيم " كمْية " لا غير ، عدلت عن الشراء كانت المغازة أشبه بالخمارة ..فتحت  المذياع داخل  السيارة كان المذيع يندب ذهاب قيم الجمهورية بعد أن بلغ الإسلاميون حضوة عند الجاهلين من القوم فقرروا إنتخابهم لا ليسسوهم وإنما إئتمانا على الدستور ثم سريعا ما شتمت وأغلقت  المذياع ، كان الفاسد يتحدث عن أفول الحرية وتردده في إذاعة الأغاني وأنه لا يعرف إن كان بإمكانه أن يمرر ما يشاء من الأغاني مثل " زي الهوى " لعبد الحليم و كانت زميلة له قد  تسائلت إن كان بإمكانها تمرير الفلكلور التونسي الداعم الرسمي لقيم الجمهورية .. لم تتأدب في الشتم فهي تحت هذه السماء قد أسلمت  ولم يبلغ الإيمان قلبها فتمسك لسانها عن السب .. كان من اللافت توارد المخاوف عند صحفيي الإذاعة و التلفزة الوطنية ويبدو أنهم  أجمعوا أمرهم على الإعلام الموجه فقد ألفوا جمهورية الخمّارات والمقاولة  ولا يأنسون غيرها توقفت بالإشارة المرورية هالها منظر الشيخ وهو جالس على عتبة المحطة وبوله قد إتخذ طريقا على الرصيف وفهمت من لعنات المارة أن الشيخ أسرف  في شرب  الخمر حتى عيت كليتاه .. أي قيمة  لحياة الإنسان داخل هذه الدولة نحتاج أن نعجّل بخلق  مراكز لمعالجة الإدمان مثل الولايات المتحدة الأمريكية و داخل كل حي لتكون لنا جمهوريتنا الأولى و ليكون للناس حياة وعقول وتخلع الدولة وجه الخمارة ولكي يبلع ذلك المذيع التافه تساؤله الخبيث و يمرر من الأغاني ما يتلائم والأخلاق العامة لا ما يجد تلائما مع وضاعته !
- شماتة في التجارة العايلية للسبسي وأمثاله من بياعة الشراب -

4 comments:

  1. السلام عليكم

    الإيقاع سريع عاصف
    و الأسلوب عذب جميل
    +1

    ReplyDelete
  2. c le plus délicieux commentaire que g jamais eu et que ça me vient de fella je me sens ds les nuages de plaisir chokran

    ReplyDelete
  3. ربّي يعلّي مقدارك و يبارك فيك ^^

    ReplyDelete
  4. je te promet t es délicieusement gentille rabbi ybèrik fik yè galiya

    ReplyDelete