Wednesday, October 10, 2012

لا تقرأ هذا النص : كتبته لي




تبدو لي الحياة كحادث مرور قاتل على طريق مألوفة .. قد تحب الطريق لسبب أو لآخر ويحتار قلبك وأنت ترى أحدهم وقد فارقته الروح ينتظر على الإسفلت أحبائه ليأخذوا بيده وقد تحلق به الغرباء .. تتسائل إن كان عليك أن تستاء من الطريق أو مما يفعله الناس .. حيرتهم ، الشفقة في عيون بعضهم ، سوقية من يصور بهاتفه النقال حدثا خاصا جدا كرحيل أحدهم .. الفزع في قلوب بعضهن واحتباس الفرح في نفوس يفاجأها آثار الحادث فتقرر العبور سريعا تجنبا للألم .. ثم تستعيد الطريق وجهها وتنسى ..
في لحظة عابرة على طريق مألوفة تتجلى الحياة بكل النعوت الممكنة .. ليست في النهاية الحياة بسيطة ولامعقدة هي ببساطة كلمات مفسرة وأحداث مألوفة جدا .. تنهي إرتباطها بأحدهم وتواصل الإملاء لغيره .. ونظل أوفياء للغفلة ..
مرحبا ! هؤلاء نحن .. إستهلكتنا العادة قبل أن تحل بنا لحظتك الأكثر دراماتيكية وبين كل أحداث الناس أعلمك أني وجدت السكينة .. وأن فيها عاطفة صاعقة ودهشة مذلة .. ومن الطيبة ما يشتت فيّ النفس .. وأنا أظطر كل نصف دقيقة أن آخذ النفس عميقا من شدّة الإرتباك تفهمين أيّها الحياة .. أي ألفة ممكنة مع ما لم نألفه منك وما خرج عن الإعتياد ..
الحياة تبدو لي أحيانا في تلك الخطوة المتعثرة لعجوز ثمانينية تتجرّأ على الخروج لشراء السكّر .. أتوقف لأحيي صمودها وأشتهي معاكسة خدها المتغضّن ولا أفعل .. عجوز يأمرني بأن أمسك له الخضار حتى يفتح القفّة .. الحشد من أولاد المدرسة يؤرّقون حناجرهم بالنشيد الوطني يبالغون في الصراخ به حتى تحل بنفسي الضحكة ..
الحياة ، غربتك داخلي .. بطولاتك المفتعلة وجملك المقتضبة وعلى الأغلب نظراتك البليدة وحركاتك الساذجة حينما تسارع لجولة طويلة في لعب الورق ..
الحياة في النهاية ليست أبدا إلا ما تختاره أعيننا بانتقائية و نفاذ صبر ، في لحظة ثبات على إستعجال ما يسمى بالسعادة .. 
ونظل في كل ذلك صيدا سريعا للإعتياد نألف الألم والسعادة بقدر ثم نحتفظ في كل ذلك بشعور اللامبالاة لأننا نعلم أن لاشيء يدوم ليس حتى نحن .. 



من السهل أن نقلب آلاف الصور الممكنة لتموقع 
الحياة فينا ومنا .. لكننا في هذه البلاد لم نتآلف قط على أن نتخذ نموذجا لما يجب أن يكون من الممكن أن تكون عليه حياة الفرد ذات قيمة .. لذلك يموت الآلاف على طرقات البلاد ومثلهم في جوف البحر عند الإبحار خلسة ونتيجة تليف الكبد من إدمان الكحول ويموت آلاف لناس من الأمراض المزمنة كالسكرى لأنهم ببساطة قد تعرضوا مطولا للألم .. لست أرى في مغادرة الحياة جسد أحدهم بالحدث المركب لهذه الدرجة أو على كل حال ليس مؤامرة من أهل الحكم على قطاعات واسعة من الشعب ولكني أجزم أن المقبور بورقيبة ( سبو قد ما تحبو الله يكافيه علّي عملو بالبلاد ) شتت كل آمالنا في أن تكون لحياة الفرد أي قيمة وذلك ليغذي نرجسيته في أن يكون الزعيم .. وللأسف إجتث من قيم الحياة كل معناها ليتركنا ضحية غياب الوعي بأن لحياتنا كما لحياة الآخرين قيمة وأهمية ..
فلو نظرنا لمجتمع الناس في اليابان حيث إهتم المؤسسون بحماية الفرد داخل الجماعة وحافظوا على موروثهم الثقافي باستماتة جميلة ، نفهم لماذا لحياة الفرد عندهم قيمة عادلة فيما اهترأت ببلادنا كل قيمة لها بفعل عصابيّة الحاكم ورغبته في البقاء مطولا في الحكم حتى صرنا نعبر الحياة دون أن نلقاها وللأسف سيكون على أجيال أخرى أن يشربوا من ذات اللاقيمة ..
كنت أشتهي أن أخط خاطرة أدبية لأعاود قراءتها و أنظر في هنّاتها ، ولكن معاناتنا الجماعية من آثار الدكتاتورية واستكانة قطاع كبير من المجتمع للعودة للأسر وجهلهم اللامحدود بقيم الثورة إلى ذلك الحد الذي لا يجدون فيه منكرا بالإدعاء أنه لا بأس في أن يحكم البلاد من أفسد حياتنا جميعا وكأنهم يتداعون لعبودية " مدى الحياة " البورقيبية الفجة ..
إذا كنت مخطئا في تقدير أنه ليس لحياة الفرد أي قيمة في هذا الوطن .. لأنني محبط من غياب ثقافة الأمة عندنا فأنا لن أعتذر .. مالذي يغيّر نصا أدبيا لتروّ في الهوية تبا لي ولحكام تونس جميعا فليسوا سوى مسوخا لما يمكن أن يكون عليه القادة تبّاااا . 


قيمة الحياة بأن يخطط لها

No comments:

Post a Comment