Saturday, September 5, 2009

التيه 2

كان الأرنب يلاحق نفسه الأخير حينما حلّ التّيه كان قد ترك ليفنى بشهادة شعاع شمس أخير .. و لم تحلّ نهايته لاحظ باستغراب ..  كان عقله قد جفى ذاكرته و لم يعد يتذكّر .. فقط  الألم نبّهه أنه لم يكن في أحسن حالاته فظلّ حيث هو لا يرنو الى شيء ما عدا الفراغ و ذلك الشيء الذي لم يفهم ماهيته .. ما تراه يكون ..غاب عن الادراك زمنا .. كانت الغابة هامدة كلّ وحوشها خامدون لا يلوون أمرا .. كانت الضّباع تتهافت على نفسها تعضّ بعضها بعضا نكاية ..ما ترانا نكون .. تنظر حولها الى غيرها من الأجسام لا تعقل سوى ذلك التخبّط الذي أفنى احتمالها لترقّب ما سيأتي و انطلق الجميع صراعا ينسلون الى المتاهة .. غرباء يجمعهم الجهل بمن يكونون ..  هو التّيه اذن ساور غابتهم فأنكروا حتى جحورهم وطفقوا  في رحيل مهموم لا يتطلعون لصنمهم المقدّس و لا للذّيب الذي كان يحكمهم ...  لم يكونوا ليتعرّفواعليه و لم يكن يعرف بدوره من يكون  نجّي ببدنه ليكون لمن خلفه عبرة .. رحلت  الغربان والبوم وبنات آوى. لم يكن لهم البقاء فيما كانوا فيه من تظالم و مكر ضعيف فقد حلّت بهم بداية النهاية ليعيشوا كما رغبوا في انقطاع عن السماء ... نهض الأرنب من سباته كان المكان مقفرا و لم يكن له من سبيل لاستكشاف ما حوله سوى عيناه  ... كان غيرآسف على انعدام ملكة التذكّر فكان الألم ينبئه بأن ما انقضى لم يكن من كل بدّ جيّدا ..غريزة أعلمته بأنه جوعان فقدّم شفتيه للعشب و انتبه لم يكن بفمه الدّامي سنّ واحد للمضغ فاجتهد في البلع.. كان الزّمن قد أدبر فشبّت الحياة مجددا في ذلك الأرنب الذي انتبه أنه ذات تيه أسعفه الظّلم الواقع عليه في أن يظلّ بوطنه ثم بعد أن شفي أن يتذّكر ..  لقد اختفى الطّاغوت و أعوانه و كأنّ الغابة ابتلعتهم .. جميعا  .  و رأى عوضا عن ذلك كائنات سامية العصافير الرقيقة و النمل و الهدهد و و تأكّد من أنّ الأرض يورثها القدير لعباده الصالحين و أضمر في نفسه لن أزعم أبدا الرّياسة .. ما خطبه في أن يشقي نفسه بتحمّل أوزار تعثّر ذلك الحمار في أحد شعاب الغابة ... لن يهلك نفسه بالحمق كذلك الذّيب الذي غرّته الأماني و الكبر- بكسر الكاف- ..                        

No comments:

Post a Comment