Sunday, September 18, 2011

الرد الشافي على شكاية المدعو لزهر القروي الشابي بقلم الأستاذ المحامي لطفي عزالدين



تونس في اليوم 13 من الشهر التاسع ما بعد ما سمي خداعا "ثورة"
من المحامي المباشر الأستاذ لطفي عزالدين, للزميل المحترم المبتلى برئاسة فرع تونس للمحامين ,في الرد على ورقة معالي الوزير
حيث أبلغت بأن المحامي الغير مباشر المدعو لزهر القروي الشابي , الشاغل حاليا لمنصب وزير مؤقت لاغير, لوزارة العدل ,في الحكومة المؤقتة جدا للبلاد التونسية ما بعد 14 جانفي.قد إشتكى بي.
و حيث قرأت الخطاب الموجه من المذكور, الذي أساءه مقال صادر بجريدة "الأولى" الأسبوعية, ناسبا لي فيه أن تصريحاتي: "تمثل نشرا لأخبار زائفة و مسا و ثلبا لشخصي و كرامتي,".
و حيث أضاف المذكور بورقته المبعوثة للسيد العميد, أن ما قمت به :"فيه خرق لتقاليد المهنة و لروابط الزمالة,".
و حيث طلب المذكور في الأخير من المرسل له الخطاب: "إجراء ما يلزم قانونا لإيقاف المشتكى به عند حده,". كما لم يفته أن يقرئ المرسل له السلام.
و حيث أحيل على جنابكم الجواب و لكم سديد النظر في المآب.
 حيث تعلمت في أول عهدي بالمحاماة أن ما بطل شكله لا ينبغي الخوض في أصله.لذا لن أثقل كاهل الفرع و العمادة بملف ليست من وراءه إفادة. فلا هو ملف كشف عنه في أحد القصور و لا هو خلاف على أجرة و أتعاب أو إستجلاب لحرفاء نشبت في شأنه بيني و بين الشاكي  أمور.
1-    من حيث الشكل: 
حيث أني على خلاف الشاكي لم أكن يوما عميدا سابقا و لا وزير عدلية حالي, إلا أني حصَلت بعض المعارف القانونية و شهادة علمية خولت لي الدخول للمهنة الأبية. و مع تواضع مقامي أمام مقام السيد معالي الوزير, أذكر فيما درست أنَ لا أحد يعذر بجهله للقانون. كما أني أذكر فيما تعلمت ممن أشرف على تدريبي في أولى خطواتي المهنية أن على المحامي الشريف نصح  الجاهل بالقانون و تقديم المعلومة له و لو بصفة مجانية.
 و حيث أن شكاية المذكور مؤرخة يوم 27 أوت 2011 مع ما يستتبع ذلك من عدم انطباق قانون المهنة الصادر بالمرسوم عدد 79 المؤرخ في 20 أوت 2011 عليها لعدم إستيفاء آجال النشر بالرائد الرسمي يوم تقديمها.
و حيث أن شكاية المذكور مرفوعة للسيد عميد الهيئة الوطنية للمحامين و الأصل ان ترفع الشكايات للسيد رئيس الفرع الجهوي للمحامين حتى على فرض إعتماد الشاكي على الفصل 70 من قانون المهنة الجديد:" إذا نسب للمحامي ما قد يستوجب مؤاخذته تأديبيا فإن الشكايات والتقارير المتعلقة بذلك تحال وجوبا على رئيس الفرع الجهوي المختص. ويتولى هذا الأخير سواء بناء على تلك الشكايات أو بمبادرة منه أو بطلب من العميد أو الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف إجراء الأبحاث بنفسه أو بواسطة من يعينه لهذا الغرض."
و حيث لو تجاوزنا هذا الخلل في موجه الشكاية ألفت نظر الجناب أني لم أجد قانونا ما يبرر توجيه العميد لي برقية بريدية  قصد التحرير عليا بخصوص شكاية المذكور.....
و حيث بالتمعن في نص الشكاية لم أجد أثرا لوصف للوقائع أو تحديد للكلمات و الأوصاف التي يعيبها عليا الشاكي و التي إعتبر أنها تمثل أخبارا زائفة و مسا و ثلبا صريحا لشخصه, فهل أن شكل الجريدة هو الماس بشخصه؟ أم مكان المقال بالصفحة عدد 5 ؟
أم الحبر و الألوان المستعملة لكتابته؟ أم ما ذكرته من معلومات ؟أم التنبيه الذي وجهته لهيئة الانتخابات؟
و حيث لم يحدد الشاكي كل ذلك فقد سقطت دعواه شكلا ,فما أظن السيد العميد المرفوعة له الشكاية على علم, لا سمح الله, بما أقلق السيد الوزير.
و حيث جاء طلب الشاكي المذكور غير محرر و غير واضح المرمى, إذ طلب: إيقافي عند حدي, دون تحديد لذلك الحد أو تقديم أي طلب تحضيري في إجراء إختبار عيني مثلا لتحديد حدودي و حدود الشاكي و هو ما يجعل النظر في طلبه من قبل جنابكم شبه مستحيل خاصة إذا ما علمتم سيدي رئيس الفرع أني لا أملك أي حد مشترك بيني و بين الشاكي كما أني لا أذكر أني مررت يوما بمكان كتب عليه : حد السيد معالي وزير العدل لزهر القروي الشابي, فقمت بكسره أو الاعتداء عليه. كما أني لا أخال جنابكم و جناب السيد العميد مختصين في حماية الحدود أو مكلفين بحماية حد السيد الوزير فهياكلنا و شخصيكما أرفع مما يطلبه الشاكي.
و حيث أكتفي بهاته المبطلات الشكلية الواردة بشكاية المذكور , و أترك لعنايتكم النظر في تقرير المآل
.
و حيث أني لما أكثرت من السهر في دراسة المكتوب , و أرهقت عيناي بالتقليب في النصوص, أرسل الله عليا نوما عميقا مسح به الهم عن فكري السهيد, فرأيت فيما يرى النائم :" أن شوارع البلاد من الشمال للجنوب تعج بالحشود المنادية بالحرية و الكرامة و محاسبة الطرابلسية و معهم خدمهم في التجمع بمدرستيه الدستورية و النوفمبرية. و سمعت أحد القتلى المضرجين بالدماء الحمراء الزكية لا البنفسجية الغبية, سمعته يقول:" مات البوعزيزي لاجل عربة  و خطية و أموت لأجل تونس أبية", فلحقت بروحه الزكية و تعلقت بحصان البراق حامل الشهداء لجنة الإعتاق, و طلبت من الشهيد التكشف و لو لبرهة على الغيب القريب و إخباري بمستقبلنا المنيب, فأطل برأسه و أطال و مكثت منتظرا المآب.
و بينما كنت على تلك الحال و فكري شارد في الآمال ,سمعت صوت رفيق صديق و شاهدته من بعيد ينادي في الشارع المديد :"بن علي هرب بن علي هرب", و رأيت و يا للعجب, ثلاثة وجوه بنفسجية تطل من الشاشة الفضية ,تعلم بنجاح الثوار و تعيين حكومة أخيار توزع فيها المناصب على الأحرار. و لمحت من ضمن الرؤوس الحكومية وزراء حكومة نوفمبرية و من ضمنهم فتى همام كان يوما عميدا معينا دون إنتخاب بأمر البورقيبية على رأس هياكل المحاماة الأبية.
 رجعت بي ذاكرت الأيام للانتخابات الجمعية و الهياكل المهنية عندما كان المذكور بقوائم" المحاماة أولا "يدور, و قبلها بملفاته البنفسجية التي ينوب فيها المؤسسات العمومية . ثم رأيته يوم 31 ديسمبر يوم حملنا الشارة الوردية احتجاجا على قمع مظاهرات الحرية, و كيف حضر المذكور لشارع باب بنات و خاطب المأمور بقول فسق و زور :"المحامين إلي ما يدخلوش لدار المحامي ما نيش مسؤول عليهم." و كيف وقف بعدها وراء حشود البوليسية يتشفى بقمعهم لأصواتنا المجلجلة بطلب الحرية. ثم تذكرت أن منذ التعيين كان باب ذاك الوزير من أكبر محجًات المطالبين بتطهير وزارته العدلية من بقايا الفساد و النوفمبرية. حتى أن نقابة القضاة و الجمعية لم يتفقا في شيء سوى طلب رحيله و الإقرار بفشله في مهمته الوقتية.
و بينا كنت في تلك الخواطر أحسست بثقل ينتاب البراق, فرفعت الرأس للشهيد معتقدا أنه عاد بخبر الزمن السعيد, إلا أني رأيت المذكور صاعدا على ظهر المفقود, و هو يترنح ذات اليمين و ذات الشمال مخافة سوء المآل, و يصيح بالمغدور :"بالله عليك إحملني زقفونة,"ثم ينبري منشدا بلحن ثوري :"محلى الركبة عالثورة و محلى الشهيد..."و من فاه تخرج مواكب الحاشية  الوزارية و المتواطئين ذوي السوابق البنفسجية و المتحالفين معه لمطامع شخصية و سياسية, حاملين الدفوف مرددين بصوت أجيج:
طلعت الثورة علينا من ثنايا بوزيد.....
وجب الشكر علينا
ما دعا للانتهازية داع
أيها السبسي فينا
جئت بالأمر المطاع
جئت شرفت الحكومة
مرحبا يا خير داء
فتية التجمع أنيبوا
و إلى الوزاراة إستجيبوا
إنا بشأن التستر قمنا
جاءنا النصر القريب
هلعت مما رأيت و سمعت, فتركت التلابيب التي بها طمعت , بأمل المرور لجنة الحبور, حيث لا يمنع الكلام و الرأي و التفكير و لا تستعمل فيها المحاكم لقمع التعبير, و حمدت الله أن في عز أيام الدكتاتور كان المحامون يتكلمون بل و يسبون و يشتمون أزلام النظام و رموز الفساد داخل البلاد و أعوانهم الصغار ممن تسرب و تستر بالرداء.
 و كانت الهياكل المهنية بما فيها من ترأسها من العائلة  التجمعية لا تجرء على سؤال زميل عن رأي قاله في الرئيس فما بالك بأذنب من أذنابه الصغار حتى لو كان الذنب  وزير. فالمحاماة كلمة حرة أو لا تكون. و هياكلها ليست محاكم تفتيش, و حاشاها أن تكون غرفة خلفية لمطابخ سياسية. و لنا في وقفتها الأبية مع زميلنا محمد عبو حين كتب يوما مقال, مشبها فيه المخلوع بشارون الجربوع, لم يتورط في تتبعه هيكل و لم ترسل للتحرير عليه برقية, بل ضُرب في محاكمته العميد ,و تنادى لمساندته المزيد و رصدت لعائلته منحة شهرية و لم يغب إسمه عن إجتماعاتنا الدورية ."
و عند هذا حد من الذكرى طار سهاد العبرة, ففتحت عيني على ورقي المبثوث و تلمحت من بين السطور أسماء القليل و الطريقي و بلحاج سالم ,كلهم في بحث مطلوبون و على آراءهم ملاحقون, فسعدت بالرفقة .و دعوة مع الأذان بالمغفرة للشهيد على جرم الثورة و بالصبر و السلوان لأمه الثكلى.
 و ختمت الدعاء لوزير العدلية بطلب محال و رجاء حال :دوام التوزير و...... اللحاق بسكن آخر وزير

No comments:

Post a Comment