أف لمترخص في فعل ما يكره لنيل ما يحب.
تالله لقد فاته أضعاف ما حصل.
أقبل على ما أقوله يا ذا الذوق هل وقع لك تعثير في عيش وتخبيط في حال إلا حال مخالفته: ولا انثنى عزمي عن بابك إلاّ تعثرت بأذيالي أما سمعت تلك الحكاية عن بعض السلف أنه قال: رأيت على سور بيروت شاباً يذكر الله تعالى فقلت له: ألك حاجة.
فقال: إذا وقعت لي حاجة سألته إياها بقلبي فقضاها.
يا أرباب المعاملة بالله عليكم لا تكدروا المشرب قفوا على باب المراقبة وقوف الحراس وادفعوا ما لا يصلح أن يلج فيفسد.
على أنني أقول أف لمن ترك بقصد الجزاء
أهذا شرط العبودية كلا.
إنما ينبغي لي إذا كنت مملوكاً أن أفعل ليرضى لا لأعطي.
فإن كنت محباً رأيت قطع الآراب في رضاه وصلا.
أقبل نصحي يا مخدوعاً بغرضه.
إن ضعفت عن عمل بلائه فاستغث به.
وإن آلمك كرب اختياره فانك بين يديه.
ولا تيأس من روحه وإن قوي خناق البلاء.
بالله إن موت الخادم في الخدمة حسن عند العقلاء.
إخواني لنفسي أقول فمن له شرب معي فليرد أيتها النفس لقد أعطاك ما لم تأملي وبلغك ما لم تطلبي.
وستر عليك من قبيحك ما لو فاح ضجت المشام فما هذا الضجيج من فوات كمال الأغراض.
أمملوكة أنت أم حرة أما علمت أنك في دار التكليف وهذا الخطاب ينبغي أن يكون للجهال فأين دعواك المعرفة.
واأسفا عليك لقد عشيت البصيرة التي هي أشرف وما علمت كم أقول عسى ولعل وأنت في الخطأ إلى قدام.
قربت سفينة العمر من ساحل القبر ومالك في المركب بضاعة تربح.
تلاعبت في بحر العمر ريح الضعف ففرقت تلفيق القوي وكان قد فصلت المركب.
بلغت نهاية الأجل وعين هواك تتلفت إلى الصبا.
بالله عليك لا تشمتي بك الأعداء.
هذا أقل الأقسام.
وأوفى منها أن أقول: بالله عليك لا يفتونك قدم سابق مع قدرتك على قطع المضمار.
الخلوة الخلوة واستحضري قرين العقل وجولي في حيرة الفكر.
واستدركي صبابة الأجل قبل أن تميل بك الصبابة عن الصواب.
واعجبا كلما صعد العمر نزلت.
وكلما جد الموت هزلت.
أتراك ممن ختم له بفتنة وقضيت عليه عند آخر عمره المحنة كان أول عمرك خيراً من الأخير.
كنت في زمن الشباب أصلح منك في زمن أيام المشيب: " وَتِلْكَ الأمْثَالُ نضْرِبَها لِلنَّاس وَمَا يعقلها إِلاَّ الْعالُمون " .
نسأل الله عز وجل ما لا يحصل إلا به وهو توفيقه إنه سميع مجيب.
قدرت في بعض الأيام على شهوة النفس هي عندها أحلى من الماء الزلال في فم الصادي.
وقال التأويل: ما ههنا مانع ولا معوق إلا نوع ورع.
وكان ظاهر الأمر امتناع الجواز.
فترددت بين الأمرين فمنعت النفس عن ذلك.
فبقيت حيرتي لمنع ما هو الغاية في غرضها من غير صاد عنه بحال إلا حذر المنع الشرعي.
فقلت لها: يا نفس والله ما من سبيل إلى ما تودين ولا ما دونه.
فتقلقلت فصحت بها: كم وافقتك في مراد ذهبت لذته وبقي التأسف على فعله.
فقدري بلوغ الغرض من هذا المراد أليس الندم يبقى في مجال اللذة أضعاف زمانها.
فقالت: كيف أصنع فقلت: صبرت ولا واللّه ما بي جلادة على الحب لكني صبرت على الرغم وها أنا ذا أنتظر من الله عز وجل حسن الجزاء على هذا الفعل.
وقد تركت باقي هذه الوجهة البيضاء.
أرجو أن أرى حسن الجزاء على الصبر فأسطره فيه إن شاء الله تعالى.
فإنه قد يعجل جزاء الصبر وقد يؤخره.
فإن عجل سطرته وإن أخر فما أشك في حسن الجزاء لمن خاف مقام ربه فإنه من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.
والله إني ما تركته إلا لله تعالى ويكفيني تركه ذخيرة حتى لو قيل لي أتذكر يوماً آثرت الله على هواك قلت: يوم كذا وكذا.
فافتخري أيتها النفس بتوفيق من وفقك فكم قد خذل سواك.
واحذري أن تخذلي في مثلها ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وكان هذا في سنة إحدى وستين وخمسمائة فلما دخلت سنة خمسة وستين عوضت خيراً من ذلك بما لا يقارب مما لا يمنع منه ورع ولا غيره.
فقلت: هذا جزاء الترك لأجل الله سبحانه في الدنيا ولأجر الآخرة خير والحمد لله.
No comments:
Post a Comment