Tuesday, October 13, 2009

"البؤساء"

هناك شيء في عيون الناس و حركاتهم تجعلني أنظر الى كل واحد منهم كأنه جان فالجون يخرج من رحم القصة الى الواقع المعاش ..لا أدري ان كان الأمر من وحي الصّدفة أو لأنّي أشكو ذهانا يجعلني لا أرى الاّ المأساة حيث تتطلّعت ..مسنّون عديدون بصدد العمل يعانون المشقّة بكنس الشارع أكاد أراهم في كلّ مكان و أحسّهم كذلك الفالجون تضيق بهم الدنيا من أجل رغيف خبز ..حركاتهم المنهكة أصلا بانحدار خط العمر ..أراهم ينكفئون للأرض يرفعون عنها أدرانها و الاجهاد يدفع عنهم أي ظنّ بحسن الحال ..لا أعلم سوى أنّي لا أبالغ بمعاينة بؤسهم هؤلاء الذين كان قد آن لهم أن يرتاحو ولا بأس ان كانت راحتهم بالقليل الذي يضمن لهم الكفاف ولكنّهم حيث هم بؤساء بالعيش ..الخرافة في أنّك بعد أن يمضي عليك دهر من الزّمن تتغيّر فصول الانهاك لتتحوّل للركود عند هؤلاء زيف معلن ..يحضرني حديث بعضهم لي حول الحراسة ليلا رجال ستّينيون لن يفقهوا حجم المعاناة التي يعيشون يخبرون عن أعوامهم المديدة في السهر و ارتياد برودة الليل لحظة ادبار التاريخ بأحد فلوله يسامرون التّعب ..ونساء هزيلات يعانين أمراضا مزمنة بين مسح و كنس وشقاء وجوههن المجهدة خبر معلن لا يكاد يخفى و ان تجّملت المدينة بغيرهن ..عيونهن المرتابة من حصول الرّاحة يوما مثقلة بالحزن ..لقد شاخ الوطن ببؤس ضعاف القوم فيه و اقامتهم بدار الجهد حيث كان من العدل أن يرتحلو لبعض راحة و ما من صريخ ..لن يكون الاّ لقريحة فيكتور هيغو مصداقيّة الوصف  ليعبّر بالصدق عن بؤسائنا فما أشبه فانتين و كوزات بالعديدات ممّن نلاقي ههنا و ما أشبه الكثيرين بجان فالجان ..ههنا حيث يختلط الأسى باللامبالات أدرك أن حجم العناء يسوّق لهؤلاء على أنّه قدر و أذكر قول ربي "أرأيت الذي يكذّب بالدين ،فذلك الذي يدعّ اليتيم ولا يحضّ على طعام المسكين .."وأتسائل ان كانت اللامبالاة أحد آيات النّفاق وتخبرني نفسي بأنّها تعلم الجواب ...   

No comments:

Post a Comment