Saturday, October 17, 2009

غربة

ظللت أفكر لبرهة ..ماذا لو حلّ بعضهم بمنزلنا و ادّعى أنه ملكه لأن الربّ وعده ايّاه و صدم عقلي ..قلت فلتكن لي عقليّة الغرب الانسانيّة و أتفهّم أن ذلك الأجنبيّ لقي الأمرّين من الغربيّ نفسه و انّ الأمر يتجاوز مسألة تهجيرنا من منزلنا و انبتاتنا قسرا عنه و أنّ الأمر ربّانيّ تلى ألف سنة من التيه ..فأصابتني لوثة ولكنّي جزمت أنّي لن أترك بيتنا ولو هلكت دونه ..ثم فكّرت في جارنا الدّكتاتور و سنوات العذاب التي جرّعنا أنا وعائلتي و خمّنت على طريقة رعاة البقر أن يأتوا كالرّعاع فيحتجزوه زمنا ثمّ يعلّقوه على مشنقة صباح العيد وتجمّد الدّم في عروقي و الله لأهلكنّ بين قدميه قبل أن تغتاله أيد أجنبيّة متوحّشة لطالما خطّت فصول الألم على جبهة الانسانيّة.. كثيرا ما نخطىء في تحديد أولويّاتنا و سريعا ما نغفل صفحات التاريخ تطويها رعونتنا فنقع في ذات البذاءة التي صرعت كرامتنا .. ظللت أدّعي التفكير و قلبي يمضي سريعا أولويّاته بفطرة القدامى لا أتسرّع في مصالحة أخطاء الماضي و جمد رأسي بين راحتي ..لماذا ننسى ..ما أتعس تشرذمنا داخل الأوطان رحل علي و عمر و عثمان و قبلهم أبا بكر و ابن العاص و ابن الوليد وخلفهم قادة كغثاء السيل بل أوهن ..بعضهم في خريف العمر يتنادى مع الجياع علينا و نسوا أنهم  بنفس القصعة معنا و مثلنا سيكونوا بأفواه الّلئام لقمة  ..  لم يقنع رأسي بالمكوث حيث كان ..و طأط نحو الأرض رقبتي وعيناي ما أشدّ و طأة الهزيمة على قلب جوعان للمسرّة ..أحلم ذاتي كلّ ليلة بأنّه لا يزال فينا بعض الرّجال وبعض من عزيمة لتكون الحقيقة على الأقلّ فينا معلنة ان لا تملأ شوارعنا بألف ألف مسيح دجّال و أن يكون فينا أصحاب فضيلة و أترك نفسي للغربة أعتمرها ما شاء لي الله أن ألبث في رحابها كي أفكّر لبرهة و أتّخذ القرار بأنّ الغربة على مرارتها فعل حكيم لكي لا أفقد منطق من أكون على مشارف خريف سادس و ثلاثين يرقبني من قريب ..         

No comments:

Post a Comment