Friday, October 23, 2009

علبانيّة .. مقيتة

خلقت في بداية السبعينات  و كانت البلاد حينها علبانيّة ..المناهج التّعليمية ترتكز أساسا على المواد العلمية و لا وجود للخلفية العقائدية سوى في مادة وحيدة تسمّى بالسّير و العبادات وتتناول أبجديات السيرة النبوية وأركان الاسلام الخمس و تتطلّب القليل من حفظ آيات القرآن من قصار السّور و بالثانوية ولنحو ثلاثة أعوام ندرس مادة التربية الاسلامية لساعتين أسبوعيا وكفى ..و تنتهي علاقة التونسي عند ذلك الحد بالدين وفي هذا فليتنافس المتنافسون .. طبعا اليوم وفي أيام الكهولة أتملّى ذاتي كصنيعة العلبانية لأنّي أظنّ على المصطلح الفعلي "العلمانية " أن يعبّر على شيء من السياسات المعتمدة في شتى القطاعات بداية من المناهج التّعليمية نهاية لما يصدر عن نوّاب الشعب من ...قوانين  ..و العلبانية من كلمة علبة بمعنى ذلك الشيء الفارغ الذي جعل ليحتوي كل شيء الفراغ و التسويف و حتى الرّداءة ..يقول تعالى "و ما خلقت الانس و الجنّ الا ليعبدون " كم من تونسي سينظر لهذه الآية الكريمة على أنها لاهوت و تنظير بل كم من تونسي يحسب الشيطان فكرة كرتونية من خرافات الزّمن الغابر ..أقول علبانية لأن حرّيتنا العقائدية و أرواحنا ضمّت لعلب الجري في الدّنيا جري الوحوش فصار المرأ فينا يتجرّأ على الله قولا وفعلا و يخاف الناس و يوقّّر من لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ..و صودر حقّنا في المعرفة الحق .. ولا أدري اليوم اذا كانت رسالة الغفران بما تضمّنته من شرك أو قصّة السّد بما تضمّنته من مجادلة عن سرّ الوجود قد تنفعني و قد مضت سنوات الشباب جميعا من دون أن أحبّ الله أو الرسول كما ينبغي لي أن أكون .. معتقدة بأنّي بأفضل حال لمجرّد الايمان بأن الله موجود ... اليوم وقد تخطّى بي العمر أيام الشّباب أقرأ القرآن فأبهت لما ضاع من عمري و ما فرّطت في  جنب الله وكم كبائر استصغرها قلبي الأعمى عن أبجديّات الايمان .و لا أدري لماذا العلبانيّة قد صادرت العقيدة في حين أن الدولة العلمانية بحق تسيّرها حكومة تقنوقراط تعتمد بالأساس على مؤسّسات الدولة فلماذا انحرفت الفكرة ليصير هناك عداء لعقائد الناس ..لو كنت يهودية لتلقّيت تعليما دينيا خاصّا صارما داخل هذا البلد دون أن يعترض أحد ولكنّي مسلمة و لذلك فانّ ما و جدت  التّسويف و الالتفات عمّا هو غذاء لروحي والا كيف تدرّس رسالة الغفران للمعرّي بما فيها من تهكّم على المعتقد الديني للمسلم وتقدّم لي على أنّها مادّة أدبيّة دسمة و لقد ظننت ذلك فعلا و أذكر اليوم كم شغفت بما جاء فيها ولم ينكر قلبي الجاهل حينها شيئا مما كتب ..ان كانت الدّولة علمانية فلا ضير ولكن ذلك لا يعني أن نكون دولة لا دينية تهمّش البعد العقائدي لمن يرغبون فيه هاهي  اسرائيل كيان  علماني و لكن حرية المعتقد عندهم مكفولة .  و رحمة بالأجيال القادمة أصلحوا المناهج العلميّة حتى لا تصنعوا وحوشا للمستقبل و تجعلوا من هذا الوطن مفازة ... انا نقضّي سنوات مديدة على مقاعد الدراسة و لذلك فمن واجب الدولة أن تقدّم معلومات مستفيضة عن العقيدة خلال السنوات الأولى بالذات و الا فكيف يمكن للمرأ أن يعرف حلالا أو حراما ..يا الاهي اني أتفاجأ بالكثير من الشّرك فيما أعمل اليوم و أنا على عتبة الأربعين فيا علبانية الثلاث و الستين عاما كم من مسخ أهديت الدّنيا ..  اليوم مررت من أمام مقبرة الجلاز و كان هناك موكبا لدفن شخصين و تسائلت ماذا عنّي حين أشيّع .. هل أحسب سوداوية .. كلا انها عقيدتي لقد شاهدت أحبّة يرحلون ناسا كانوا بيننا لم يكن المرض فقط سبب موتهم و لا التقدّم في السّن بعضهم مات بسكينة بدون أي سبب وفاة طبيعية ..هذا وجه للأمر و الآخر أن الحياء و الأخلاق قد عدمناهما في شوارعنا و بوسائل النقل العمومي و حتى بالمسجد ترى أمورا مبهتة..صرت على عتبة الأربعين و أنا العلبانية لا أكاد أجد للحياة معنى لا أستقيم على حال وقد عوّجت العلبانية هامتي و جهامتي و ارادتي و حوّلتني فقط على بلادتي لا أكاد أغادرها متجهّمة الاّ لأعود اليها على عجل ... فالعلبانية لا تهدي سوى الخواء بئسا ما هي .. و  للعلبانيين غيري أنا حرّة في التبرّم من الخواء حرّة في المطالبة بالرجوع عن مصادرة حرّية المعتقد حرّة... على ما أعتقد ..        

No comments:

Post a Comment