Thursday, November 12, 2009

تطفّل

كنت راجعة لمنزلي و الزمان قد جاوز منتصف الليل بقليل ..كنت راجعة من توصيلة سريعة لقريبتي وتملّيت الشارع و رأيتها مجدّدا ككلّ ليلة ..لم يكن من الصعب ملاحظتها بجسدها المكتنز و حركتها البطيئة في عبور الطريق من ضفّته اليمنى الى اليسرى ثم العكس ..وهي تتأبّط حقيبة و تمعن بدورها النظر في السيّارات العابرة .. من السّهل الادراك عن سبب تواجدها بالطريق و سبب حركتها البطيئة يبدو أنه عادت حركة الهوى لتصيب الرصيف ببعض القيء ... ووجدتني أشفق عليها .. منذ ما يزيد عن عشرة أعوام كان هناك غيرها و أقسم أني أنقل ما حدث ... انتهت المسكينة مقتولة بأحدى الحضائر المجهولة ..وكانت على غير هيئة هذه ..عجوزا نحيلة سمراء و كانت تتخذ لها من الشارع الرئيسي منطقة  خاصة تذرع الرصيف جيئة و ذهابا ..و تسبّ اذا شاءت .. و تطلّعت الى الجديدة و تمعّنت فيها .. كانت لا تزال محتفظة بمظهر عادي لولا تواجدها الغريب على حافّة الطريق متحفّزة لوقوف أحدهم .. أغضبني منها أن نظرتها لم تكن تعكس أي ألم أو توجّس ممّا تمتهن ..فقط الترقّب لحريف ..انقشعت الشّفقة و حلّ الغضب متى ينجلي الكبد .. لا أرى غيره يساور وجه الشارع الرئيسي بعرض لتجارة الجسد ..الّليل كعادته لم يكن مباليا و كنت مستيقنة من اجهاد الأرصفة بثقيل الخطايا والمتع المجهدة و ظننت أن بعض من اغتال الحياء من القلوب و سرق بسمة الشفاه كان ليفرح ببعض تلك الشّعارات الممجوجة التّالية للمبالاة تلك التي تتطفّلت على ذهني و أذهبت الاهتمام بتلك المسكينة .. كان بافروتي يصدح داخل روحي باحدى تلك الأغنيات الحزينة ولم آبه فقد افتقدت شجن العبارة بذلك الصوت الرهيب .. استمعت بدون جهد فتلك كانت احدى متعي الخاصة المحبّبة .. وانتقلت من جهد التألّم لتلك .. لمتعة الامبالاة على صوت بافروتي و وصولي الى البيت .   

No comments:

Post a Comment