هناك مسافة للتوقع بعيدا عن حيثيات الأمس الذي أضحى بعيدا بكل توصيفاته المثقلة بالحسرة سأسامره الليلة كما يشاء و ليجثو نحوي بصلفه المعتاد فسأتدبر أمر انحرافه بفكري لباحاته الخلفية التي سبق لها اكتشاف صلابة تصميمي على الارتحال منها .مسافة الجلوس في الحافلة المكتظة و تتبع المفاوضات الجارية بين ذلك الأمين الواقف كفارس بوسط الطريق و الكادحين في تجارة اللباس الداخلى و المعسل و أشياء أخرى ..يزيدون في طول الارتحال و يتكيفون مع الأخطار وأرى معهم مشهدا غير مألوف لانصهار الشعب في ألفة تتطلبها المصالح المتبادلة .السير الطويل و الرائحة النكدة و الوقوف للاستراحة كلها مترادفات علمتني الصبر على وجه جديد لم أعرفه عن الوطن الذي حملني تنظيمه المحكم الى التعرف على ربوعه و كأنهم شهدوا امتناع والدي عن السماح لنا بالخروج في بعض تلك الرحلات المدرسية أو لعلهم انتبهوا لكوني لم أعرف من خارطة وطني غير منطقتي السكنية و لعلهم علموا بأني لا أشاهد القناة الوطنية وكان لزاما بأن أتعلم ...تغيرت الجغرافيا شيئا فشيئا لتصبح قاحلة .. و تيبس ظهري بالجلوس داخل مقعدين ضيقين و تسائلت عن سبب كون مقاعد الحافلات بغير ههنا تبدو متباعدة و لكن السؤال مني كان لؤم فالحمد لله على التكييف و الأمن و حسن القيادة .. بلغت مقصدي للمدينة الطيبة و انقبض قلبي لرداءة جمالها ..و رأيت شابا منزويا يصلي على قارعة الطريق و فرحة لمنظر لم آلفه في العاصمة ..ذلك شيء جميل فأنا أشتهي حتما أن أرى مظهرا تلقائيا للعقيدة ..ثم انقضت ثلاث أعوام مرت كالغمام ملأت تعبا أي نعم ..ووحدة لا ضير ..ولكن اليوم و أنا أتذكر تلك المدينة الطيبة التي ظللت فيها على وحدتي ..أحنّ اليها ففيها كانت روحي تغلب نفسي و تنتصر على البذاءة أما هذه المدينة الماكرة فهي تبدو لي مسخا مرهقا لأي صلابة لو لم يكن من هنا في الأصل منبتي لما عدت والله ولاتخذت طريقا لتلك المدينة الساحرة
No comments:
Post a Comment