Monday, August 31, 2009

التيه

علم أن الغابة كانت فارغة من أهلها فالجميع آووا الى جحورهم في انتظار ما سيأتي و ظلّ لبرهة يفكّر الى أيّ الاتجاهات الأربع يسير قبل أن يحلّ التّيه وينسى بدوره تماما من يكون ..وضع قدميه الأماميتين نحو الشمال و تردّد لا مكان له هناك فجلده الأسمر سيفضى لهلاكه .. لا لن يذهب الى هناك ..اذن ليتوغل أكثر في جنوبه ..وزاغ بصره كل أهل الجنوب محكومون بالتّيه و لن يفرّ من هلاكه الآتي الاّ للوقوع فيه ..توقّف حيث هو و استلقى على ظهره و نظر الى السّماء  ومال بأرجله الأربعة نحوها .. أنظري ألا يمكنك أن تلهميني الى أين يمكنني الاستخفاء منك و حيث يمكنني أن أكون غيري .. وضاقت به الغابة بما رحبت  أنصت الى الفراغ وتذكر غليان رأسه بصخب الغابة .. تلك الضباع الذي احترفت اللصوصية و كلّ بنات آوى اللاّتي مارسن المحسوبيّة و الحريّة و تلك الغربان المدّعية التي احترفت تزييف الحقائق و الخنازير البريّة التي كانت دائمة الهجرة السريّة المتسارعة دخولا و خروجا من الغابة ..وتلك الكلاب التي مارست رياضتها المطلقة  بطحن العظام بأمره ..  وتذكر خطيئة قرينه التي لم تغفر أبدا .. الكبر.. المرأ على دين خليله لم يشكّ أبدا وقد اختار أن يكون العجب زينته و قدّر أنه قد يكون له الوقت للتّراجع فأحيط به وبسكان الغابة جميعا.... انفظّ الجميع من حوله و تهدّل وجهه فلم يزيّفه اليوم كعادته اذ لن يراه أحد  .. يتوه بمعدة خاوية كأن لم يغنى فيها ولم يلبث في نعيم الدنيا أبدا. كان مجهدا بوضاعته ينظر لاقتراب النهاية حيث هو لا يكاد يخرج زفير النّفس الطّالع منه ..قتل كيف قدّر.. لمّا اغترّ بالفسحة التي أعطى و أحبّ أصوات الطبول تقرع لتحيّته و الأصوات تهتف له ..مال برأسه الى الأرض يتخفّى بها من النظر الى السماء التي غلّقت دونه لم يكن واهما فمنذ زمان أعلمته عضامه بهرمه وخبّره تهدّل جلده و رعشة يديه بأزوف خريف العمر و اشتهى النكّسة تلو النّكسة و لم يرقب في نفسه ذاتها الاّ و لا ذمّة ..و تذكّر مازال في الوقت بقيّة..  أيّتها الوحوش من أذن لك بالانصراف ..  أسرجي لخطوي أيامي الملاح   ..  ويا أيتها الضباع تعالي لا زال في غابتي ما تنهبين .. ويا حمير أصدرت عفوا عليكم سأرفع الطوارىء عنكم ولو الى حين .. أنا من تعلمون ..  فرعونكم أو تراني زعيم الحمير .. أنا الذّيب سأغمض عيني و أعوي و ستأتي بنات آوى ليصحبنني و يجمّلن ضاهرى مازال أمامي بعض الوقت أيضا لأعيش كما أبغي .. وحلّ التّيه بالغابة كان الجميع في جحورهم خامدون ما عدى الذيب كان بالعراء فاقدا صوته و أنفه ممرّغ بالتراب ..لمن الحكم اليوم...                      

No comments:

Post a Comment