Saturday, August 22, 2009

سر سعادة العارفين

عن الامام أبي الفرج عبد الرحمان ابن الجوزي
كتاب صيد الخاطر يقول
ليس في الدنيا ولا في الآخرة أطيب من عيش العارفين بالله -عز وجل فان العارف به مستأنس به في خلوته .
فان عمّت نعمة علم من أهداها و ان مرّ مرّ حلا مذاقه في فيه لمعرفته بالمبتلي .وان سأل فتعوّق مقصوده صار مراده ما جرى به القدر علما منه بالمصلحة بعد يقينه بالحكمة و ثقته بحسن التّدبير .
وصفة العارف أن قلبه مراقب لمعروفه قائم بين يديه ناضر بعين اليقين اليه فقد سرى من بركة معرفته الى الجوارح ما هذّبها .
فان نطقت فلن أنطق بغيركم وان سكتّ فأنتم عقد اضماري
اذا تسلّط على العارف أذى أعرض نظره عن السّبب ولم يرى سوى المسبّب فهو في أطيب عيش معه.
ان سكت تفكّر في اقامة حقّه وان نطق تكلم بما يرضيه لا يسكن قلبه الى زوجة ولا الى ولد ولا يتشبّث بذيل محبة أحد .. وانّما يعاشر الناس ببدنه وروحه عند مالك روحه .
فهذا لا همّ عليه في الدنيا ولا غم عند وقت الرحيل عنها ولا وحشة له في القبر و لا خوف عليه يوم الحشر .
فأمّا من عدم المعرفة فانه معثّر لا يزال يضجّ من البلاء لأنه لا يعرف المبتلى و يستوحش لفقد غرضه لأنه لا يعرف المصلحة ويستأنس بجنسه لأنه لا معرفة بينه وبين ربه و يخاف من الرحيل لأنه لا زاد له و لا معرفة بالطريق .
وكم من عالم و زاهد لم يرزقا من المعرفة الا ما رزقه العامّي البطّال وربما زاد عليهما .
وكم من عامّي رزق منها ما لم يرزقاه مع اجتهادهما .
وانما هي مواهب و أقسام "ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء "
هذا الكلام الذي بيّنه هذا العالم الجليل على بساطته هو بالنسبة لي سرّ العبوديّة لله والتي تغيب عن اعتبارنا لما يجب أن يكون عليه العيش حقا.. و يذكّرني بما عرض لي من سؤال أحدهم لي ذات خريف سادس وعشرين من صفحات عمري سألني حينها ان كنت أحب الله و رسوله و أنصتّ لسؤاله بعين قلبي فلم أجب لأني حينها وباعتباري ممّن جعلتهم المناهج العلمانية ببلادنا ممّن يجرون في الدنيا جري الوحوش بحيث أمضيت السنوات في تحصيل الشهادات ولم أتفكّر يوما في أنسانيتي.. و لم أحب الله ولا رسوله بل كنت أخشى الله و أحترم النبي.. و أنا لا أعلم بأني بعدم المحبّة نقص ديني .. ومنه كثر سخطي على الدنيا و قد قال الحبيب صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه "والله لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ له من نفسه ".مضت لليوم عشر أعوام تعلّمت فيها أن أحب الله.. و بصدق ورغم أني ظللت عامّية لا تعلم من عقيدتها الا ما تيسّر من اجتناب للشّبهات فاني بفضل الله بمحبّتي لخالقي كسبت الرضى بما قسم لي و انشراحا بصدري عند الطاعة و حلاوة عند المنع وهي مؤشّرات طيبة كما ذكر الشيخ .
اللهم ان الخير منك فالحمد لك على نعمة الاسلام يا خير من سئل و أجود من أعطى .

No comments:

Post a Comment